الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
أدرك الغرب منذ زمن بعيد بعد أن قام بدراسة المجتمعات الإسلامية، وتعرف علي أسباب قوتها وتماسكها، أن تفرغ المرأة المسلمة لرعاية أسرتها وتنشئة أبنائها التنشئة الإسلامية، والحفاظ علي كرامتها وعرضها، وراء قوة هذه المجتمعات وتماسكها رغم كل التحديات.
إن المرأة المسلمة عبر قرون طويلة ماضية لم تكن أداة إفساد أو وسيلة فتنة داخل المجتمع، بل كانت أداة إصلاح وتوجيه، ووسيلة للحفاظ علي العفة والطهارة داخله، كما ربت المرأة المسلمة أبناءها على حب البذل والتضحية في سبيل الله -تعالى- بالغالي والنفيس، فتحلى أبناء هذا المجتمع ورجاله بالشهامة والرجولة والمروءة والنخوة والإباء.
لذا لم تخلو الأمة يوماً عبر تاريخها الطويل من أبطال حملوا لواء الجهاد، وصمدوا أمام الهجمات العاتية من الصليبيين والتتار وغيرهم حتى في مراحل الضعف والتأخر العلمي، ولمواجهة ذلك عمد الغرب إلى وضع مخططاته لإفساد المرأة المسلمة فكراً وسلوكاً وخلقاً، ليتسنى له تفكيك الأسرة المسلمة وإضعافها.
فظهرت الدعوات المتتالية في أشكالها المتعددة لإغواء المرأة المسلمة وتحريضها على ترك آداب دينها، مستغلة ما آلت إليه حالة الأمة عامة والمرأة خاصة في ظل تخلف علمي وتردي اقتصادي وجهل بالدين.
ونجح الغرب في تجنيد من ينوب عنه في إجراء التغيير المطلوب، فظهرت قيادات نسائية ارتضت لنفسها القيام بهذا الدور، إلي جانب بعض الزعماء والمفكرين من الرجال.
فمن قاسم أمين إلي هدى شعراوي في الترويج لتحرر المرأة من آداب الإسلام وأخلاقه، بالسفور ومخالطة الرجال، إلي عزيزة أمير وآسيا وبهيجة حافظ وفاطمة رشدي في عالم التمثيل والسينما، إلي سهير القلماوي وأمينة السعيد ونوال السعدواي في مجال الصحافة والأدب، وغيرهن كثيرات.
وأثمرت الجهود المفسدة ثماراً خبيثة جرت الفساد والشقاء علي نساء المسلمين وأبنائهم، عانى وما زال يعاني منها المجتمع:
- فباسم تحرير المرأة خُلع الحجاب، وأظهرت العورات، وتكشفت المفاتن، و تطلعت العيون إلي ما كان محفوظاً ومصوناً.
- وباسم تعليم المرأة خرجت الفتيات والعذارى يخالطن الشبان والرجال بلا حياء، في الطرقات ووسائل المواصلات والمدارس والمعاهد والكليات، متبرجات في أبهى زينة، كاسيات عاريات مائلات مميلات.
- وباسم رقي المرأة وتمدنها ترددت علي الأندية والمنتديات ودور السينما والمسارح وأماكن اللهو والفجور، تشارك في الفساد بالفعل والممارسة والغواية والإغراء.
- وباسم المساواة بالرجل خرجت المرأة تزاحم الرجال في وسائل الإعلام والصالونات الأدبية والمؤتمرات والبرلمانات وتقليد الوظائف بين الرجال والوزارات.
- وباسم المشاركة في النهوض بالمجتمع نزلت إلى ساحات العمل والحقول والأسواق تتحمل الأعباء والتكاليف والأحمال، فإذا عادت إلى منزلها كانت منهكة متعبة غير قادرة على رعاية زوجها وأبنائها.
- وباسم الوطنية والقومية والتضحية في سبيل الوطن شاركت في المظاهرات الشعبية والمؤتمرات الجماهيرية وسافرت للدراسة وحدها في بلاد الكفر والتحقت بالجيش والشرطة.
- ولزيادة دخل الأسرة خرجت للعمل في أوقات النهار ونوبتجيات الليل في أماكن العمل الحكومية والخاصة والمستشفيات، وسافرت للعمل في الدول المجاورة القريبة والبعيدة بغير محارمها، وزاحمت الرجال وتركت الكثيرين منهم يعانون البطالة على مقاعد المقاهي والطرقات، في مواطن الكسب تنافسهم فيها وتقتسم معهم مخاطرها ومصاعبها وهمومها.
والنتيجة كما أرادها أعداء الإسلام:
تصدع بنيان الأسرة المسلمة، حتى ضاقت الحياة بالأزواج والزوجات على السواء.
لم يأخذ النشء حقه في التربية والرعاية، وفقدت الروابط الأسرية، ولم يعد غريباً على الأسماع أن تطالعنا حوادث وجرائم داخل الأسر تتضمن عقوق الأبناء للآباء والأمهات بإيذاء أو ضرب أو حتى القتل.
وتفشى الاعتداء على الأعراض والخطف والاغتصاب، وشاع انصراف الأزواج عن بيوتهم ينشدون الراحة والسكينة خارجها، بعد أن فقدوا فيها ما يريدون من الشعور بالمودة والراحة.
لقد أدرك الغرب ما كان يحلم به من انحطاط المجتمع وترديه الخلقي والاجتماعي والتربوي.
فهل تصلح المرأة المسلمة ما أفسده دعاة التحرير، وهل نشارك جميعاً في دعوتها إلى هذا الإصلاح قولاً وعملاً.